دعا المرصد التونسي للاقتصاد (مستقل) إلى ضرورة تنقيح القانون عدد 35 لسنة 2018 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات في اتجاه مزيد تحفيز المؤسسات على الانخراط في هذا المجال وخاصة جعل المسؤولية المجتمعية إلزامية .
وخلصت ورقة بحثية أعدها المرصد إلى جملة من التوصيات والمقترحات من أهمها جعل المسؤولية المجتمعية للشركات أداة لحماية حقوق الانسان وإلزام الشركات باحترام الحقوق الاقتصادية والمجتمعية والبيئية.
وافاد المسؤول عن برنامج العدالة الجبائية والمالية العمومية بالمرصد التونسي للاقتصاد فراس زكراوي، الثلاثاء خلال ندوة حوارية بالعاصمة نظمها المرصد تحت عنوان “نحو إطار قانوني فعال وضامن لحقوق الانسان”، أن إصدارهذا القانون يعد ملاذا لفائدة المؤسسات.
ولاحظ انه تم انجاز بحوث ومقابلات ميدانية مع عديد المتدخلين في المجال وتم الوقوف على جملة من النقائص والاخلالات التي شابت القانون المذكور.
ومن أهم المعوقات التي برزت ،وفق المتحدث، أن النص افتقد إلى قرارات وعقوبات ردعية ضد المخالفين، لافتا إلى أن النية كانت عند اصدار القانون هي ضمان المصالحة بين الشركات الملوثة للصحة والبيئة وخاصة الشركات الناشطة في مجال الصناعات الاستخراجية مع محيطها.
وقال أن النسخة التي صدرت أظهرت أن الانخراط في مسار المسؤولية المجتمعية أصبح اختياريا وغير ملزما بما يجعل الشركات الاقتصادية الملوثة لا تنخرط في هذا المسار.
ولفت إلى أنه من أبرز التوصيات التي يتقدم بها المرصد التونسي للاقتصاد، إرساء منظومة قانونية رادعة تؤطر هذا المجال في تونس لضمان حقوق الانسان الأساسية.
كما دعا المرصد إلى ضرورة مراجعة القانون أو إعادة توجيه بعض المؤسسات التي أتى بها القانون، فضلا عن إقرار عقوبات واضحة للمخالفين استنادا إلى الاتفاق العالمي للأمم المتحدة والرؤية المنجمية الافريقية في إطار الاجندة 2063 لمنظمة الوحدة الافريقية التي تنص على مجموعة من التوصيات التي تهم الشفافية وحوكمة القطاعات الاستخراجية.
وقدم المحامي والباحث آدم مقراني، قراءة نقدية للقانون، موضحا أن القانون لم يدخل بأكمله حيز التطبيق من منطلق أنه نبع من مبادرة تشريعية لعدد من النواب في البرلمان الفارط الأمر الذي أفقده القوة اللازمة عكس المبادرات التي تقدمها الحكومات وفق تقديره.
وأكد على أن القانون المذكور أقرب ما يكون إلى إعلان مبادئ من خلال غياب الصبغة الإلزامية للمسؤولية المجتمعية للمؤسسات.
واعتبر أن من ضمن نقاط ضعف هذا القانون غياب الحوافز والتشجيعات للشركات لحملها على الانخراط في مسار المسؤولية المجتمعية.
وعاب أيضا على افتقار القانون لبعض المبادئ الخاصة بالمسؤولية المجتمعية على غرار المبادئ التوجيهية الأممية ولا سيما تلك المتصلة بحقوق الانسان واحترام البيئة والمحيط.
وانتقد المحامي والباحث، غياب الشفافية في القانون من خلال عدم ضمان نشر التقارير المتعلقة ببرامج المسؤولية المجتمعية.
وتطرق آدم مقراني، إلى مسار إحداث المسؤولية المجتمعية للمؤسسات في تونس وخاصة منها الشركات الاقتصادية بربطه بمناخ متوتر في عدد من مناطق البلاد ولا سيما مناطق الحوض المنجمي والمناطق النفطية وبالضغط على السلطات العمومية بتركيز المسؤولية المجتمعية.
ولفت إلى أن تجربة شركات الغراسات والبستنة في كل من تطاوين وقبلي وقفصة، التي تم احداثها ضمن مسار المسؤولية المجتمعية تعد بطالة مقنعة وفق رايه، متسائلا في ذات الإطار عن الجدوى من بعث هذه الشركات وأنها تمثل أيضا نقطة استفهام في تصور برامج المسؤولية المجتمعية.
وأقر المتحدث، بأن برامج المسؤولية المجتمعية في تونس تركزت بالأساس على مناطق الحوض المنجمي والمناطق النفطية لأنها تضررت بيئيا وفق تقديره.
ومن جانبها تطرقت نائب رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية دوجة الغربي، إلى تجربة الكنفدرالية في إسناد علامة المسؤولية المجتمعية منذ سنة 2015 من أجل تحفيز المؤسسات على الانخراط في هذا المسار كآلية لتحسين مناخ العمل والارتقاء بالإنتاجية وترسيخ مبادئ احترام حقوق الإنسان .
وشددت على أهمية أن تصير المسؤولية المجتمعية ثقافة ومسارا متكاملا في الشركات الاقتصادية، رافضة الجوانب الزجرية والإلزامية للقانون بقدر دعوتها إلى إرساء حوافز وتشجيعات للمؤسسات لتبني هذه المفهوم الحديث نسبيا في تونس.
ولئن رأت أن المسؤولية المجتمعية كممارسة ارتبطت بكبرى الشركات والمجمعات الاقتصادية المرتبطة بشركات عالمية، إلا أن دوجة الغربي أبرزت ان النسيج الاقتصادي في تونس متكون في حوالي 97 بالمائة منه من مؤسسات صغرى ومتوسطة ومؤسسات صغيرة الحجم، الامر الذي يتطلب حسب تقديرها بعض الوقت للتحسيس بأهمية إرساء مسار المسؤولية المجتمعية في هذه المؤسسات التي لها مشاغل واهتمامات وفي مقدمتها الصعوبات المالية.