انخرطت شبكة العدالة الضريبية في أفريقيا TJNA والمرصد التونسي للاقتصاد OTE، إلى جانب منظمات أخرى من المجتمع المدني، في حملة مناصرة عالية التأثير لإقامة تحالفات عالمية وقارية في جميع أنحاء أفريقيا. وتمثل هدفهم في مقاومة الإصلاحات الضريبية العالمية التي تقودها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وفي إعلاء أصوات المنظمات والحكومات في أفريقيا والجنوب العالمي التي تدعو إلى إطار جديد للتعاون الضريبي الدولي تحت رعاية الأمم المتحدة.
تسعى هذه الحملة، المنادية بتحقيق سياسات ضريبية عالمية أكثر إنصافًا، إلى الربط بين الجهود المحلية والإقليمية والعالمية لحماية مصالح البلدان الإفريقية في المسائل الضريبية وإلى تمويل الحقوق الاجتماعية من أجل تنمية أكثر عدالة.
في هذه الحملة نحو الإصلاح، أظهرت أفريقيا قيادة استثنائية. في مايو 2022، تبنى وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالبلدان الإفريقية قرارًا رائدًا يحث الأمم المتحدة على بدء مفاوضات بشأن اتفاقية دولية حول المسائل الضريبية، تشمل جميع الدول الأعضاء. اكتسبت هذه المبادرة مزيدًا من الزخم في نوفمبر 2022 عندما قدمت المجموعة الأفريقية، بقيادة نيجيريا، قرارًا منقحًا في الأمم المتحدة. ركز هذا القرار على” تعزيز التعاون الضريبي الدولي الشامل والفعال في الأمم المتحدة“.
في 30 ديسمبر 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 77/244 الذي يدعو إلى النهوض بالتعاون الشامل والفعال في المسائل الضريبية. طبقا لهذا القرار، يٌكلّف الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير شامل من خلال مشاورات مع مختلف الأطراف المتداخلة، من أجل خلق التزام عالمي بالعدالة الضريبية والتعاون الضريبي الدولي العادل.
تسلط هذه الجهود الضوء على المساعي الاستراتيجية المنسقة التي تبذلها الدول الأفريقية والمنظمات المتحالفة معها لإعادة تشكيل المشهد الضريبي العالمي، بما يضمن عدالته ونجاعته للجميع، لا سيما البلدان النامية. تعكس هذه الحملة مساع أشمل تتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر أٌطر مالية قوية وشاملة.
عقب هذا التوجه، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة المشاورات وأصدر تقريره في سبتمبر 2023. وفي ديسمبر من نفس السنة، اعتمدت الجمعية العامة القرار رقم 78/2301 الذي حدد، من بين أمور أخرى، الخطوات الإجرائية اللاحقة. وقد نفذت الدول الأعضاء الخطوات الإجرائية الموصي بها، حيث أنشأت لجنة مخصصة، وعقدت جلسة تنظيمية، وعقدت الدورة الموضوعية الأولى، وشرعت في عملية وضع الإطار المرجعي لتوجيه عملية وضع نص اتفاقية الأمم المتحدة الضريبية. ويتألف مكتب اللجنة الحكومية الدولية المخصصة من 4 دول أعضاء تمثل إفريقيا وهي مصر، وكينيا، والمغرب، وغانا.
من المنتظر تقديم التقرير المنبثق عن عملية وضع الإطار المرجعي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، لتنطلق المفاوضات بشأن محتوى الاتفاقية في عام 2025.
مع ذلك المعركة لم تنتهِ المعركة بعد، فداخل الإطار الأممي تواصل دول الشمال العالمي التشبث بموقع المهيمن في وضع القواعد الضريبية العالمية.
يجب على البلدان الأفريقية توحيد جهودها لمقاومة الإصلاحات الضارة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
تواجه الدول الافريقية معضلات مع الحل الركزتين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعتمد لمعالجة تحديات الضريبة على الشركات متعددة الجنسيات، حيث يهدف هذا الحل إلى وضع قواعد دولية لفرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي (الركيزة 1) ووضع حد أدنى عالمي للضرائب بنسبة 15% (الركيزة 2). وعلى الرغم من تقديم هذه الإصلاحات كآليات لتحسين العدالة الضريبية العالمية، إلا أن تنفيذها يشكل مخاطر جسيمة على السيادة المالية والاستقرار الاقتصادي للبلدان النامية.
تتطلب الركيزة 1، المتعلقة بفرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي، تخلي الدول عن الضرائب الوطنية على الخدمات الرقمية. تُعد هذه الضرائب بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية مصدر إيرادات حاسم وضروري لتلبية أهداف الإنفاق العام والتنمية ومن المتوقع أن يؤدي التخلي عن فرض هذه الضرائب أحادية الجانب إلى تقليص القدرة المالية للحكومات الأفريقية، مما يقوض قدرتها على الإيفاء بتعهداتها بحماية وتعزيز النفاذ للحقوق الاجتماعية والاقتصادية وتمويل الخدمات العامة.
أما الركيزة 2، فهي تفرض نسبة فعلية للضريبة الدنيا على الشركات متعددة الجنسيات تقدر ب 15%, وتم انتقادها لكونها منخفضة للغاية بحيث لا تفيد البلدان النامية بشكل فعال. قد تفشل هذه النسبة في توليد إيرادات كبيرة وقد تؤدي إلى تحويل العائدات الجبائية لصالح الدول المتقدمة.
على الرغم من الآثار السلبية المحتملة، فإن العديد من البلدان الافريقية، من بينهم جنوب أفريقيا وزيمبابوي وكينيا وتونس والمغرب ومصر وموريتانيا، انخرطت في هذه الإتفاقية وهي الأن في مراحل مختلفة من تنفيذ قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مثل الضريبة الإضافية المحلية الدنيا، مما يٌهدد بترسيخ نظام ضريبي لا يتماشى مع الاحتياجات التنموية للقارة.
يجب أن تمهد الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة الطريق أمام التعاون الضريبي العالمي الفعال
تمثل الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة فرصة لوضع إطار شامل وعادل للتعاون الضريبي العالمي من خلال ضمان وضع القواعد الضريبية ومناقشتها على نحو شامل، دون تمييز، مع التركيز على حماية مصالح البلدان النامية وسيادتها.
الهدف من الاتفاقية هو إعادة تحديد المبادئ الأساسية للنظام الضريبي الدولي حتى يٌحقق الشمولية الكاملة والعدالة والفعالية في الحوكمة الضريبية العالمية. بالنسبة لأفريقيا، فإن هذه اللحظة تمثل فرصة حاسمة لتشكيل أجندة مشتركة على مستوى القارة تعكس مصالح جميع الدول الأفريقية من خلال حشد الدعم لموقف المجموعة الأفريقية خلال مفاوضات الأمم المتحدة أين يمكن للأطراف الإفريقية التأثير بشكل كبير على النتيجة.
يتمثل أحد الأهداف الأساسية لمبادئ التعاون الضريبي المنشودة في استعادة سيادة الدول وتعزيز الشرعية السياسية للأطر الضريبية العالمية وتعبئة الإيرادات المحلية لتحقيق التنمية المستدامة، وقد كان القادة الأفارقة في طليعة من وضع تصور لهذه الإصلاحات وتنفيذها، مما يعكس فاعلية قارتنا وقدرتها على التأثير في النظام الاقتصادي الدولي.
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك نقائص في طرق المناصرة والتفكير والمعرفة، لا سيما في شمال افريقيا. لمعالجة هذا الجانب تنظم شبكة العدالة الضريبية في أفريقيا TJNA والمرصد التونسي للاقتصاد OTE ندوة إفريقية في تونس يومي 24 و25 جوان 2024 بهدف إشراك منظمات المجتمع المدني في النقاشات حول الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة وتكوين أجندة عمل إقليمية حول الإصلاحات الضريبية العالمية.
ستشهد الندوة جلسات نقاش وورشات عمل هدفها تعزيز التحاور والتعاون بين المشاركين من مختلف بلدان القارة، بهدف وضع خطط عمل مشتركة، واستراتيجية قارية للمناصرة ثم وثيقة ختامية شاملة. ستساعد هذه الوثيقة على توجيه جميع الفاعلين في حملات المناصرة من أجل إنجاح اعتماد الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة.
ستعزز هذه اللحظة دور الدول الافريقية في قيادة الطريق نحو إنشاء نظام ضريبي عالمي عادل وفعال، يدعم التنمية المستدامة ويحمي السيادة المالية للبلدان النامية.
أهداف الندوة
* خلق فضاء افريقي لمناقشة وتحليل تحديات الإصلاحات الضريبية العالمية والبحث في قدرة الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة على خلق بديل أكثر ديمقراطية وشمولية؛
* تعزيز الفهم للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة ولمسار النقاشات حولها والتفكير في الدور الحاسم لمنظمات المجتمع المدني لتعزيز فعاليتها؛
* تسهيل خلق تحالف إقليمي يدعو إلى سياسات ضريبية عادلة، والشروع في التخطيط للمحطات الحاسمة التالية لمناصرة الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة والمساهمة في إطارها المرجعي ومحتوياتها.