Block title
Block title
Block content

عربية
, , , , , , , , , , ,

حسب مقال صادر عن صحيفة Managers بتاريخ 17 جوان 2022, يواصل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية برنامجه الخاص بالتجارة الإلكترونية في تونس وذلك في إطار ندوة تم خلالها عرض الاستنتاجات والتوصيات الرئيسية لتقييم جاهزية التجارة الإلكترونية في تونس[1].

وتعتبر التجارة الإلكترونية من أبرز المحاور والتحديات التي طُرحت أمام مختلف الحكومات المتعاقبة في تونس منذ الثورة[2]، نظرا للتطور التكنولوجي الهام والمتسارع الذي لم تستطع البلاد مواكبة نسقه أو الاستفادة منه لعدة أسباب أهمها عدم توفير مناخ ملائم يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه المنظومة وضرورة ملائمة النصوص القانونية لها.

بدأت تونس خلال السنوات الأخيرة في البحث عن الحلول الكفيلة بتحسين مناخ التجارة الإلكترونية بهدف الانخراط، ولو بصفة متأخرة، في مسار الاقتصاد الرقمي وفتح آفاق جديدة لطاقاتها الشبابية المهدورة خصوصا في ظل ضيق آفاق سوق الشغل وارتفاع نسبة البطالة في البلاد.

وقد مثّل برنامج "تونس الرقمية 2020"[3] الذي تم الإعلان عنه رسميا سنة 2014، أولى الاستراتيجيات التي وضعتها حكومات ما بعد الثورة لتمهيد الطريق أمام التجارة الإلكترونية، وصولا إلى " تونس الرقمية 2025"[4]   المعلن عنها سنة 2021 والتي تهدف إلى تحديث المنظومة القانونية التونسية في اتجاه التحول الرقمي عبر تنمية التجارة الإلكترونية.

في هذا السياق، أطلق مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)[5] منذ سنة 2021 برنامجا لتقييم مدى استعداد تونس لاعتماد للتجارة الإلكترونية (eT Ready)[6] وهو برنامج تم تنفيذه في سنة 2021 بالتعاون مع وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية (MCDE) وبدعم من المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ).

بعد مرور حوالي السنة على انطلاق هذا التقييم، أصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في شهر فيفري 2022 تقريره[7] الذي تطرق أساسا إلى تقييم خطوات تونس لاعتماد التجارة الإلكترونية. ودعا في تقريره إلى فتح أسواق جديدة وتسهيل التجارة عبر الحدود،  تعزيز الاستثمارات المشتركة وبناء المهارات الرقمية خاصة بالنسبة للشّركات الناشئة والشّركات الصغيرة والمتوسطة ما من شأنه أن يخلق المزيد من الأعمال التنافسية والفرص الجديدة، تمتيع الأشخاص المقيمين في تونس بالحق في فتح حسابات بالعملات الأجنبية، إصدار قانون يتعلق بالتمويل الإنمائي الشامل بهدف تكييف الخدمات مع احتياجات الفئات غير المشمولة، وضمان ملائمة السياسات العامة من أجل التنفيذ الفعال لخطة عمل eT Ready"[8]".

 وعلى الرغم من أهمية هذه التوصيات، إلا أن الرهانات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية قد تتجاوز بكثير الصعوبات المطروحة وطنيا، حيث يعيش المجتمع الدولي اليوم صعوبات عدّة في علاقة بفرض الضرائب على شركات التكنولوجيا. وتسعى أغلب الدول إلى أخذ نصيبها من الأرباح الكبرى التي تحققها هذه الشركات المتأتية أساسا من عمليات التجارة الإلكترونية، خصوصا في ظل الصعوبات التي يواجهها العالم في علاقة بإخضاع هذه العمليات للضريبة وعدم وجود إطار قانوني واضح ينظمها.

 وفي هذا الإطار، تطرح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)[9] منذ سنة 2019 حلا ذو ركيزتين ضمن الإطار الشامل[10]، يهدف إلى تقنين المسائل المتعلقة بالشروط الضريبية لهذه الخدمات، وهو حلّ انخرطت فيه تونس رفقة 136 بلدا آخر.

تهدف الركيزة الأولى منه إلى تحديد مكان فرض الضرائب على شركات التكنولوجيا من بين البلدان التي تم استخدام أو استهلاك السلع أو الخدمات فيها، او البلدان التي تضم المقرات الاجتماعية لتلك الشركات.

ولئن كانت الغاية المعلن عنها من هذا الاتفاق مشروعة، بل وعلامة فارقة في الاتجاه الصحيح لفرض الضرائب على الدخل المتأتي من رقمنة الاقتصاد العالمي وضمان الحقوق الجبائية لدول البيع النهائي لهذه السلع والخدمات، وهي غالبا البلدان النامية، إلا أن بنودها تأتي في ظل مواصلة دول الغرب فرض شروطهم وخدمة مصالحهم وهو ما يبرز من خلال الشروط المجحفة التي تم اعتمادها.

فبحسب دراسة[11] نقلتها منظمة أوكسفام[12], لن تنطبق هذه الشروط سوى على 78 شركة متعددة الجنسيات تنشط في الدول النامية، كما لن يتجاوز نصيب جميع البلدان منخفضة الدخل مجتمعة 140 مليون دولار أمريكي فقط. في المقابل، سيكون على الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، بما في ذلك تونس، التخلي عن فرض الضرائب على الخدمات الرقمية، حتى على الشركات متعددة الجنسيات التي لا تقع ضمن نطاق الركيزة الأولى. وهو ما جعل دولًا كنيجيريا وكينيا من بين الدول القليلة التي رفضت التوقيع على هذه الاتفاقية لتعارضها مع قوانينها الجبائية الوطنية.

ففي حين أقرت تونس في الفصل 27 من قانون المالية لسنة 2020 ضريبة تقدر ب 3% على الخدمات الرقمية على مبيعات برامج الكمبيوتر والخدمات التي تجريها شركات غير مقيمة في تونس عبر الإنترنت، إلا أنها اختارت الانخراط في هذه الاتفاقية التي  تحظر عليها تحصيل الضرائب المتأتية من هكذا عمليات وبالتالي تلغي العمل بهذا الفصل.

على ضوء كل هذه المعطيات، من المشروع التساؤل عن درجة وعي المسؤولين التونسيين بالرهانات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية. ففي الواقع، إذا كانت تونس تعتزم تعزيز تنمية التجارة الإلكترونية على المستوى الوطني، إلا أنها تخاطر على المستوى الدولي، بالتنازل عن حقها في فرض الضرائب على الخدمات الرقمية.

 

 

 

عربية
, , , , , , , , , , , ,
قرّر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي عقب اجتماعا عقده يوم الثلاثاء 17 ماي 2022 الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي التونسي ب 75 نقطة اساسية لتصبح في مستوى 7بالمائة. يهدف الاجراء حسب البيان المنشور على الموقع الرسمي للبنك المركزي الى التصدي للضغوط التضخمية التي تلوح في الأفق وتجنب أي انزلاق للتضخم وأي تفاقم لعجز القطاع الخارج.  
حسب تصريح للمديرة العامة للسياسات النقدية للبنك المركزي ريم القلصي فإن هذا القرار يأتي على خلفية تصاعد الضغوطات التضخمية في الآونة الأخيرة والذي ارتفع من 5 بالمائة في أفريل 2021 الى 7 بالمائة في أفريل 2022 وهو رقم مفزع للاقتصاد التونسي الذي يمر بدوره بصعوبات بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. 
لتواتر الأزمات والجوائح العالمية أثر هام على الاقتصاد التونسي وهو ما تطرّق له المرصد التونسي للاقتصاد في العديد من النشريات السابقة. بالرغم من أن النسيج الاقتصادي التونسي متنوع وثري الى أن الاقتصاد الوطني يرتهن في جميع المجالات الى الأسواق العالمية. 
يعود هذا الارتهان الى بسبب إهمال الإنتاج المحلي والاتكال على التوريد خاصّة المواد الأساسية على غرار المحروقات والحبوب وخير دليل على ذلك إعادة تفعيل التعديل الالي لأسعار المحروقات حسب التطورات في السوق العالمية وارتفاع كلفة مصاريف المواد المدعمة لتصل الى 4300 مليون دينار خلال السنة الحالية حسب وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي التي ارجعت هذا الارتفاع الى ارتفاع كلفة هذه المواد التي يقع توريدها -أساسا الحبوب والزيت.
إذا فإن أصل مشكلة التضخم، او الجانب الأكبر منه على الأقل، يعود الى التوريد المجحف مما أدى الى تبعية الأسعار المحلية الى الأسعار العالمية وجعل من الاقتصاد التونسي هشّا امام الصدمات المتتالية التي تشهدها الأسواق العالمية والاعتماد على الترفيع في سعر الفائدة الرئيسية فقط ليس بالحلّ الناجع للمحافظة على المقدرة الشرائية.  فكما ابرز الخبير الاقتصادي ارام بالحاج, نسبة التضخم ترتبط بعوامل داخلية وخارجية لا يمكن حصرها في السياسة النقدية وان الترفيع في نسبة الفائدة ليس حلا وان الحل يتمثل في تنسيق بين السياسة النقدية للبنك المركزي والسياسة الاقتصادية للحكومة كي تتوفر استراتيجية كاملة تشمل جميع المجالات على غرار مسالك التوزيع والتخزين والنقل واللوجستيك وغيرها. 
 للخروج من الازمة على جميع الأطراف المعنية المشاركة في اخذ القرار وهو ما أكّد عليه وزير الاقتصاد والتخطيط في حوار تلفزي حيث أكّد في نفس الوقت على مبدأ استقلالية البنك المركزي واستحالة تدخل الوزارة في قرارته وهو ما يحيل الى تناقض موقف الوزير الذي ابدى تفهّمه لقرار البنك المركزي "حيث أن موضوع العملة سيكون محور إصلاحات مع صندوق النقد الدولي " وهو ما يحيلنا الى الفيل في الغرفة صندوق النقد الدولي.  
يلاحظ حضور صندوق النقد الدولي خلال اتخاذ قرار الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية من خلال تزامن هذا الإجراء في كل من تونس ومصر إذ أن كلا منهما على أبواب اتفاق مع الصندوق، وتسعى الحكومتان الى اتخاذ جملة من الإجراءات الاستباقية من اجل تسهيل المشاورات والإمتثال الى توصيات او املاءات صندوق النقد الدولي على غرار ما تضمنته المراجعة الدورية لتونس التي نشرها الصندوق ويحث فيها على تركيز السياسة النقدية على السيطرة على التضخم من خلال مراجعة الفائدة الرئيسية .
كما نشر صندوق النقد دولي بتاريخ 25 ماي مقالا تحت عنوان "تداعيات سلبية على البلدان المستوردة للسلع الأولية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بسبب ارتفاع الاسعار " اشار فيه الى ضرورة رفع اسعار الفائدة الاساسية والتخفيف من تداعيات ارتفاع الاسعار الدولية على الفقراء من خلال التحويلات الموجهة. 
كما يدعو صندوق النقد الدولي الى اتخاذ جملة من التدابير الاخرى على غرار تخفيض اوجه الانفاق غير الضرورية او التشجيع على زيادة العدالة الضريبية او الجمع بينها في إطار السعي الى المحافظة على الدين العمومي في حدود الاستدامة. 
 
عربية
, , , , , , , , , , , , ,

نشر المعهد الدولي Transnational Institute TNI دراسة تحت عنوان " تقييم مخططات الإتحاد الأوروبي لإستيراد الهيدروجين من شمال إفريقيا" [1]بتاريخ 17 ماي 2022 تطرّق فيها الى عزم بلدان الاتحاد الاوروبي على الترفيع فيها وارداتها من الطاقات المتجددة المتأتية من الهيدروجين في كل من المغرب والجزائر ومصر.

حسب الاستراتيجية التي حددتها المفوضية الاوروبية سنة 2020 يركز الاتحاد الاوروبي على توريد الطاقاة المتجددة المتأتية من الهيدروجين من بلدان الجوار, شمال افريقيا واوكرانيا اساسا. مع التطورات التي فرضتها الحرب الروسية الاوكرانية والحاجة الى  تقليص اعتماد بلدان الاتحاد الاوروبي على الغز الروسي ضاعفة المفوضية الاوروبية هدفها ليصل الى 10 مليون طن سنويا الى حدود سنة 2030.

تعتبر بلدان شمال افرقيا هذه التطورات كفرصة لتعزيز موقعها على السوق العالمي كبلدان مصدرة للطاقات المتجددة استنادا الى التوجه السائد نحو الطاقات المتجددة وخاصة لدى بلدان الاتحاد الاوروبي التي سبق ان شرعت في الاستثمار في الطاقات المتججدة في المنطقة.

قد يبدو الامر ذا نفع للطرفين, بلدان شمال افريقيا التي ستتمتع بعائدات مالية هامة وبلدان الاتحاد الاوروبي التي ستجد بديلا للغاز الروسي وستخطو خطوة اضافية نحو تقليص اعتمادها على الطاقة الاحفورية. الا ان تقرير المعهد الدولي يظهر جانبا اخر لهذا المشروع.

يظهر التقرير ثلاثة عيوب لهذا المشروع تتمثل في التكاليف المرتفعة لعملية انتاج الهيدروجين وارتفاع البصمة الكروبونية وهو ما يتعارض مع معايير الاتحاد الاوروبي المتعلقة بالهيدروجين الاخضر. من جانب اخر نقل الهيدروجين الاخضر عن طريق البواخر يتطلب ثلاثة اضعاف الطاقة التي يتطلبها الغاز واخيرا نقل الهيدروجين عن طريق الانابيب سيتسبب فب تلفها وتلف المعدات الالكترونية للانابيب أيضا كما تتطلب الكثافة العالية للهيدروجين مضاعفة الطاقة المستخدمة ثلاثة مرات وهو ما سيرفع في  تكلفة ضخه عبر الانابيب.

تكلفة وحدة طاقة متأتية من الهيدروجين الاخضر قد تصل الى 11 مرة تكلفة وحدة طاقة متأتية من الغاز دون احتساب نقله الذي كما بينته الدراسة ذو تكلفة عالية وغير مستدام وهو ما يدفع للتساؤل حول مدى جاهزية الاتحاد الاوروبي الى دفع هذه التكاليف المشطة.

على صعيد البلدان التي شملتها الدراسة فإن المغرب تعتزم تعويض صادراتها من مادة الامونيا باتناج محلي اخضر سيقع توجيهه لقطاع الاسمدة اضافة الى ان الطاقات المتجددة ستعوض 27 تيراوات-ساعة من الطاقة المتأتية من الفحم الحجري وهو ما سيغطي استهلاك المغرب. الجزائر تعتزم تعويض صادرتها نحو الاتحاد الاوروبي من الغاز بالهيدروجين الازرق والاخضر تدريجيا, نقل الهيدروجين عن طريق الانبابيب سيؤدي الى اتلافها اضافة الى ان تكلفة الهيدروجين تناهز بين 5 الى 11 مرة تكلفة الغاز في حين ان الجزائر تستطيع بلوغ هدفها انتاج 27  بالامائة من الكهرباء من الطاقة المتجددة سنة 2030 اذ احتفظت بما تنتجه للاستعمال المحلي. اما مصر, حيث يعتبر الهيدروجين الاخضر مسار تنمية ذو اولوية قصوى, سبق ان اقرت امتيازات جبائية للقطاع وانطلقة في انجاز مشاريع مع شركات اوروبية على غرار Maersk حيث لم يقع الاخذ بعين الاعتبار الاثار الجانبية البيئية لهذه المشاريع.

على بلدان شمال افريقيا اعادة النظر في استراتيجيتها المتعلقة بانتاج الهيدروجين الاخضر والوعود التي تقدمها الاسواق العالمية نظرا الى الكلفة المرتفعة خلال التصنيع والتحويل والشحن. تحمل هذه التكاليف العالية من اجل مساعدة الاتحاد الاوروبي على النجاح في الانتقال الطاقي لا يبدو منطقيا.

 

 

عربية
, , , , , , , ,

نشر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مذكرة تحت عنوان "التوجهات الجديدة لما بعد الصراع: تحدّ جديد للصمود" تطرق خلالها الى تداعيات الصراع الروسي-الاوكراني على الاقتصاد التونسي وسبل الخروج من الازمة والحد من تداعياتها1 

اندلعت الازمة بين روسيا واوكرانيا فيما لم يتعافى الاقتصاد العالمي بعد من تاثيرات جائحة كورونا ولم يقع استعادة مستوى انتاجية ما قبل كوفيد 19. وبما أن روسيا واوكرانيا أكبر مصدري المواد الاولية عالميا فإن هذا الصراع أدى الى عرقلة أنظمة الانتاج والمزيد من الصعوبات على مستوى سلاسل التوريد. 

 تبين المذكرة أن الصمود في مواجهة الصدمة الجديدة  في توريد المواد الخام لا يمكن إدارته والتحكم فيه من خلال تدخلات في ميزانية الدولة فقط بل من خلال إعادة تأهيل سلاسل الانتاج وتقليل التبعية للخارج والبحث عن حلول بديلة للتزويد والانتاج. 

مع الصعوبات التي تعاني منها تونس على صعيد المالية العمومية وندرة الموارد المالية فإن تنفيذ "برنامج الصمود" سيكون صعب التحقيق والعودة الى معدل نمو سليم شبه مستحيلة الى أن الحل حسب المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يكمن في مزيد التنسيق على المستوى الوطني وصياغة وتطوير برامج جهوية تكون حلا للخروج من الازمة.  

يعتمد الاقتصاد التونسي بشكل كبير على محيطه الخارجي سواء في التصدير او التوريد وذلك بسبب نظام اقتصادي ضعيف من حيث الاندماج والتكامل. ومن بين الحلول التي يطرحها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات من أجل مواجهة النظام العالمي الجديد إعادة التفكير في العلاقات مع الشريك التجاري الأول, الإتحاد الأوروبي, ومن الضروري أيضا مع بلدان الجوار: ليبيا والجزائر وفق مقاربة أكثر  واقيعة وعملية اقتصاديا وسياسيا. حيث يوصي المعهد بإعادة هيكلة الاتفاقيات التجارية المعتمدة خاصة مع اوروبا والجزائر والصين والولايات المتحدة وتركيا بهدف تعزيز الاندماج الاقليمي 

 كما يقترح إدراج الروبل واليوان في سلة عملات البنك المركزي مما سيسمح حسب المذكرة للمشغلين التونسيين في قطاع السياحة بشكل اساسي بقبول الدفوعات بهاتين العملتين وستسمح هذه الأموال بدفع وارداتنا من المواد الاولية من هاذين البلدين 

تداول الصحافة التونسية هذه التوصية على أنها سابقة لم يقع التطرق لها في تونس من قبل الا أن التخلي عن الدولار والأورو  في المبادلات التجارية مع بعض البلدان على غرار الشقيقة ليبيا هو موضوع وقع التطرق اليه سابقا في نشرة إخبارية عدد 4 للمرصد التونسي للاقتصاد2. 

تضمنت النشرة الاخبارية مخرجات الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد التونسي الليبي التي انتضمنت في شهر نوفمبر من سنة 2021 أهمها العودة لاستعمال الدينار التونسي مقابل الدينار الليبي في المعملات بين البلدين والاستغناء عن العملة الصعبة وأعادة التبادل نفط ليبي مقابل مواد أولية وبضائع تونسية.  

العلاقات التجارية بين تونس وليبيا ليست العلاقات الوحيدة التي وقع التوصية بالتخلي عن استعمال  العملة الصعبة فيها, نفس الفكرة يقع طرحها في علاقة بالمبادلات التجارية بين تونس والجزائر  ومن قبل السلطات الجزائرية ايضا حيث تطرق برنامج التعاون الاقتصادي الجزائري التونسي التي تعمل عليه الهيئة الاستشارية للرئاسة الجزائري للحدّ من التعامل بالعملة الصعبة بين تونس والجزائر3 كما تضمن البرنامج العديد من النقاط الاخرى عالجها المرصد التونسي للاقتصاد في نشرة اخبارية اقتصادية عدد 154. 

إذا فإن  التقليص من هيمنة هيمنة الدولار والأورو على المبادلات التجارية هي فكرة يقع طرحها وتداولها في السنوات الاخيرة خاصة بين بلدان الجنوب. ومع اتخاذ الرئيس الروسي بوتين إجراءا يقضي بمنع تصدير النفط والغاز الروسيين بالدولار والأورو والزام المستوردين بدفع الثمن بالعملة المحلية الروسية الروبل5 أصبحت  الشكوك تحوم حول مدى صلابة الدولار الامريكي وتصدع النظام العالمي الحالي6 مما أدى الى التفكير بالتمرد وتغير القواعد عن طريق التبادل بالعملات المحلية 

 

عربية
, , , , , , , , , , , , ,
أعلنت وزارة الاقتصاد والتخطيط في بيان نشرته يوم الأربعاء 6 أفريل 2022 عن امضاء اتفاقية تمويل بقيمة 400 مليون دولار من طرف البنك العالمي لفائدة مشروع الحماية الاجتماعية للتصدي العاجل لجائحة كوفيد-19. تندرج الاتفاقية في إطار المرحلة الثانية من المشروع الذي انطلق العمل به في أوت 2021 حيث تحصلت تونس على تمويلات بقيمة 300 مليون دينار من قبل البنك العالمي من أجل تفعيل برنامج الامان الاجتماعي في ظل تواصل تأثيرات جائحة كوفيد-19 على العائلات الفقيرة. 
يتضمن هذا البرنامج على ثلاثة محاور: تحويلات مالية للتخفيف من تداعيات الجائحة، تحويلات لدعم الأطفال دون الخمس سنوات من أبناء العائلات الفقيرة ودعم منظومة الحماية الاجتماعية والمساعدة في تجسيم الاصلاحات خاصة على مستوى الحوكمة وتطوير إجراءات وعمليات الإدماج بالسجل الاجتماعي واعتماد الرّقمنة. 
هي نفس الاجراءات الاجتماعية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2022 دون أن يقع تحديد أليات تطبيق هذه الاجراءات في قانون المالية أو مصادر تمويلها خاصة مع المحافظة على ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية في نفس مستوى سنة 2021 بارتفاع طفيف ب 0.19 بالمائة في قانون المالية لسنة 2022. ومع احتساب نسبة التضخم التي حددها البنك المركزي ب 6.8 بالمائة عند نشر قانون المالية فإن ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية تشهد انخفاضا ب 6.61 بالمائة بين 2021 و2022 دون احتساب نسبة التضخم الإضافي بعد اندلاع لحرب الروسية الاوكرانية. 
تطرّق المرصد التونسي للاقتصاد في موجز الميزانية لسنة 2022 تحت عنوان "هل يحافظ قانون المالية 2022 على الدور الاجتماعي للدولة؟ " الى تراجع الدور الاجتماعي للدولة نظرا لتدهور توازنات المالية العمومية والانعكاسات السلبية للسياسة التقشف المتبعة التي أدت الى تراجع هذا الدور . 
كما تم الوقوف على عجز الحكومة على توفير التمويلات اللازمة لتغطية نفقتها التنموية مما أدى الى الاعتماد على القروض والهبات الخارجية في اغلب المشاريع المبرمجة في قانون المالية لسنة 2022 وبعد مرور أربعة أشهر من بداية سنة 2022 نستنتج أن الدولة لا تعتمد على التمويلات الخارجية لتغطية نفقاتها التنموية فقط بل أنها أصبحت تعتمد على تمويلات البنك العالمي لتوفير المساعدات الاجتماعية وحوكمة قطاع الضمان الاجتماعي. 
يقع انتهاج هذا التوجه تحت طائل عدم قدرة تونس، او الدول ذات الدخل الضعيف والمتوسط عموما، على الانفاق على النظام الحماية الاجتماعية نظرا لمحدودية مواردها المالية وهو ما وقع التطرق له في ندوة افتراضية شارك فيها المرصد التونسي لاقتصاد حول " الضمان الاجتماعي الشامل: استكشاف القيود والإمكانيات الاقتصادية والمالية" خلال شهر فيفري لسنة 2022.
بيّن السيد شفيق بن روين، شريك مؤسس للمرصد التونسي للاقتصاد,  خلال الندوة أن عديد الخيارات متاحة امام الحكومة لتعبئة الموارد اللازمة لتمويل نظام الحماية الاجتماعي في الدول ذات الدخل الضعيف والمتوسط وبالنسبة لبلدان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا, على غرار تونس, يمكن الاعتماد على: أولا إطار اقتصادي أكثر ملائمة, ثانيا الزيادة في الموارد الضريبية, ثالثا مكافحة التدفقات المالية غير مشروعة ورابعا واخيرا الاقتراض واعادة هيكلة الديون وهو اسهل الحلول الذي غالبا ما تتوجه له الحكومات التونسية دون العمل على تطوير نظام الضمان الاجتماعي ليصبح أكثر شمولية والعمل ايضا على توسيع قاعدة الموارد المتاحة واستخدام جميع مصادر الايرادات المحتملة من قبل الحكومة. 
عربية
, ,

نشر مجمع سوناطراك الجزائري بتاريخ 15 مارس 2022 بيانا أعلن فيه عن إمضاء اتفاقية شراكة مع شركات صينية تم بمقتضاها انشاء "الشركة الجزائرية الصينية للأسمدة" حيث يمتلك الطرف الجزائري 56 بالمائة من مجموع الأسهم بينما يمتلك الطرف الصيني 44 منها. 

يعتبر قطاع الفوسفاط في الجزائر غير متطور مقارنة بتونس والمغرب اللذان يحتلان مراتب متقدمة عالميا في انتاج وتصدير الفوسفاط، ومشتقاته من الأسمدة حيث لم يتجاوز انتاج الفوسفاط في الجزائر 1.3 مليون طن سنويا في 2016 وهو رقم محتشم مقارنة بمخزون الجزائر من الفوسفاط الذي يقدر ب 3000 مليون طن1. هذا وتشير احصائيات سنة 2021 إلى أن لمغرب تحتل المرتبة الثانية عالميا وتحتل تونس المرتبة العاشرة عالميا 

تسعى الجزائر عن طريقة هذه الشراكة الى النهوض بقطاع انتاج وتحويل الفوسفاط في أربع ولايات في شرق الجزائر بقدرة انتاجية تقارب 6 مليون طن سنويا مما سيضع الجزائر في مقدمة البلدان المصدرة للفوسفاط وسيمكنها من مزاحمة البرازيل المصنفة السابعة عالميا بقدرة انتاج 5.5 مليون طن سنويا حسب إحصائيات 22021. 

يشمل المشروع الذي وقع تخصيص 7 مليار دولار لتمويله، تطوير واستغلال منجم الفوسفاط في ولاية تبسة والتحويل الكيميائي للفوسفاط بولاية سوق أهراس وصناعة الأسمدة بولاية سكيكدة الى جانب المنشآت الموانئ المخصصة المتواجدة بميناء عنابة. كما أفاد رئيس مدير عام مجمع سوناطراك الى أن المشروع يشمل أيضا مشاريع بنية تحتية ذات صلة تقدر قيمتها بين 5 و6 مليار دولار إضافة الى خلق ما يقارب 12 ألف موطن شغل خلال مرحلة الإنجاز وحوالي 6 ألاف موطن شغل مباشر و24 ألف موطن شغل غير مباشر في مرحلة الاستغلال3 

تعتبر هذه الاتفاقية إطارا واعدا للنهوض بقطاع الفوسفاط في الجزائر خاصة مع الاستثمارات الضخمة التي تم رصدها وشمولية المشروع الذي سينهض أيضا بالبنية التحتية لأربعة ولايات جزائرية إضافة الى خلق مواطن الشغل.  

نذكر في هذا الإطار أن الجزائر تعمل على تنفيذ الأجندة الافريقية 2063 التي اعتمدها مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي سنة 2009. تشمل هذه الأجندة رؤية التعدين الافريقية "Africa Mining Vision " التي تسعى الى الاستغلال الشفاف والمنصف والأمثل للموارد المعدنية لدعم النمو المستدام والتنمية الاجتماعية الاقتصادية على نطاق واسع4. وهو ما يغيب في معظم الأحيان عن القطاعات الاستخراجية في المنطقة حيث لم يتم بعد تبني هذه الرؤية في شمال افريقيا على عكس التطورات التي تشهدها بلدان افريقيا جنوب الصحراء التي تسعى من خلال تبني رؤية التعدين الافريقي الى الاعتماد على مواردها المعدنية من اجل خلق نمو مستدام.  

مع الطفرة التي تشهدها أسعار الفوسفاط والأسمدة في الأسواق العالمية منذ بداية سنة 2021 بسبب ارتفاع أسعار الشحن خلال الجائحة الصحية من جهة وتضاعف الطلب بسبب الازمة الروسية الأوكرانية من جهة أخرى تضاعفت عائدات الفوسفاط في المغرب ب 100 بالمائة بين جانفي 2021 وجانفي 2022. يتواصل هذا الارتفاع خلال السنة الحالية حيث سجلت اسعار الأسمدة ارتفاعا ب 30 بالمائة خلال الثلاثية الأولى من سنة 2022 بسبب التخوف من تراجع صادرات روسيا التي تناهز 10 بالمائة من الاستهلاك العالمي.  

تمثل هذه الظرفية فرصة ذهبية لبلدان المنطقة التي لها قطاع فوسفاط متطور وهو ما كانت المغرب سبّاقة فيه حيث أعلن رئيس الحكومة المغربي أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للمحروقات والمواد الأساسية الا ان المغرب ليست في حاجة الى ميزانية تكميلية باعتبار أن عائدات الفوسفاط التي تضاعفت تغطي الحاجيات الإضافية للميزانية5. 

مع انضمام الجزائر للبلدان المنتجة والمصدرة للفوسفاط بإمكانيات تؤهلها للدخول في منافسة مع أكبر مصدري الفوسفاط عالميا تعتبر فرصة سانحة لخلق تحالف منتجي ومصدري الفوسفاط والأسمدة في المغرب العربي حيث يقع التنسيق بين كل من تونس والجزائر والمغرب من أجل تعزيز موقعهم في السوق العالمية وتضافر جهودهم المشتركة من أجل النهوض بالقطاع في الجهة وجعله قاطرة للنمو المستدام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.6  

 

عربية
, ,
 نشرت وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بلاغ إعلامي عقب اجتماع افتراضي وزاري تحضيري للدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا  "تيكاد"، حيث أكد الوزير عثمان الجارندي على استعداد تونس الدائم للانخراط في كل المسارات التي من شأنها تعزيز العلاقات الإفريقية-اليابانية وإرساء شراكة متينة وتعاون اقتصادي فعّال يساهم في تجسيم آمال دول القارة في التقدم وتحقيق أهدافها التنموية . 
تحتضن تونس للمرة الأولى مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في افريقيا "تيكاد" في نسخته الثامنة، وهو مؤتمر يعقد بانتظام منذ سنة 1993 بهدف تعزيز حوار رفيع المستوى بين بلدان القارة الافريقية واليابان بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للإنماء UNDP. تسعى اليابان من خلال هذا الحدث الاقتصادي الى تعزيز الشراكة التعاونية بين الطرفين وترسيخ مبادئ "الملكية الإفريقية" و"الشراكة الدولية" . 
تركزّت نقاشات الاجتماع الذي شمل كل من وزير خارجية اتونس ووزير خارجية اليابان ووزراء خارجية البلدان الافريقية وممثلي بقية الأطراف على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والبنك الدولي، حول التنمية المستدامة والشاملة والحد من الفوارق الاقتصادية وبناء مجتمعات مستقرة وأكثر صمودا وأمنا بالقارة الإفريقية.
سبق ان انطلقت الغرفة التونسية اليابانية للتجارة والصناعة التي تم إنشاءها في ديسمبر 2014 في تنظيم عدد من الاجتماعات والملتقيات تحضيرا للمؤتمر على غرار ندوة الاقتصاد الأزرق والأعمال التجارية الزراعية يوم 17 مارس. كانت الندوة فرصة لاستعراض افاق الشراكة التونسية اليابانية والافريقية في مجالات الزراعة المبتكرة وتربية الأحياء المائية ومجالات أخرى ذات صلة بهدف تبادل الخبرات وتعزيز أطر التعاون. 
ارتفع حجم استثمارات اليابان في تونس ليناهز 2.5 مليار دولار خلال السداسية الأولى لسنة 2021 لتصبح اليابان ثالث أكبر مستثمر أجنبي في تونس وتوفر هذه الاستثمارات حوالي 20 ألف موطن شغل. تسعى سلطة الاشراف في تونس المتمثلة في الحكومة التونسية والغرفة التونسية اليابانية للتجارة والصناعة لإنجاح المؤتمر الذي يمثل فرصة لتعزيز التعاون بين تونس واليابان وفرصة أيضا لتونس للإنفتاح على الاقتصاد الافريقي. 
مع ما تعانيه القارة الافريقية من شح الموارد المالية اللازمة لتمويل التنمية المستدامة وتحقيق أهدافها فإن التعاون الثنائي بين القارة الافريقية واليابان يمثل فرصة للحصول على هذه التمويلات التي سيقع توجيهها في إطار تيكاد8 الى الاقتصاد الأزرق والصحة والفلاح والبنية التحتية والاقتصاد الرقمي والتكوين فقد سبق لليابان ان خصصت 20 مليار دولار لدعم الشركات والمشاريع ذات القيمة المضافة في النسخة السابعة من المؤتمر تيكاد7 الذي وقع تنظيمه سنة 2019 في اليابان.
يعتبر تيكاد8 أهم حدث اقتصادي في سنة 2022 للقارة الافريقية عموما ولتونس خصوصا فهو النسخة الثانية من الحدث الذي تحتضنه القارة بعد تيكاد6 الذي وقع تنظيمه في نيروبي عاصمة كينيا سنة 2016. ستكون تونس العاصمة الاقتصادية لإفريقيا على امتداد يومي 27 و28 أوت  2022وعلى تونس وبقية بلدان القارة الاستفادة من ثقة اليابان في إمكانيات بلدان القارة واستعدادها للاستثمار فيها من اجل النهوض بالشراكة الافريقية اليابانية وفتح افاق جديدة للتعاون الاقتصادي. 
يرتكز تيكاد8 على تحقيق التعافي الاقتصادي للقارة بعد جائحة كوفيد-19 وما سببته من ركود اقتصادي في القارة وهي فرصة سانحة لتنمية تعاون ثلاثي بين تونس واليابان وافريقيا والذي سيمكن حسب رئيس الغرفة التجارية التونسية اليابانية هادي بن عباس من فتح افاق جديدة لتونس للتموقع الاستراتيجي في افريقيا جنوب الصحراء. 
 
عربية
, , , , , , ,

شهدت اسعار النفط ارتفاعا غير مسبوق منذ 24 فيفري الفارط تاريخ التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، ليتجاوز سعر برميل النفط عتبة 111 دولار للبرميل الواحد نهاية الاسبوع الفارط.
تنعكس هذه التقلبات العالمية على نسب التضخم في بلدان المغرب العربي خاصةً في ظل العجز الطاقي وسياسات رفع الدعم على المحروقات المعتمدة من قبل هذه البلدان منذ 2013.
في تونس، شهدت المؤشرات العامة لقطاع الطاقة تحسنا في سنة 2022 مقارنة مع سنة 2020. إذ تراجع العجز الطاقي ب 11% وارتفعت نسبة الإستقلالية الطاقية ب 21%. لكن تبقى تونس في حاجة إلى توريد 48% من حاجياتها من مصادر الطاقة الأولية لتلبية حاجيات الإقتصاد المحلي، وهو ما يعرض المالية العمومية إلى مخاطر تقلبات الأسعار العالمية خاصةً على إعتبار أن فرضية سعر برميل النفط المعتمدة في ميزانية 2022 والمقدرة ب 75 دولار بعيدة كل البعد عن واقع الأسعار بعد بداية الحرب.
أما المغرب، فهو في حالة تعويل شبه تام على التوريد لمصادر الطاقة بنسبة 90% من بينها 80 % ذات مصادر أحفورية مما يجعله في حالة هشاشة أكبر في هذه الظروف العالمية.
سيدفع إرتفاع الأسعار العالمية للمحروقات المستوى العام للأسعار مؤثرا بذلك على القدرة الشرائية للمواطنين في البلدين وقد بدأ يتسبب في حالة إحتقان شعبي، إذ أعلنت نقابة شاحنات نقل البضائع في المغرب عن إضراب لمدة 5 أيام إحتجاجاً على إرتفاع أسعار المحروقات وعلى تدني هامش ربحهم.
كما تسبب لجوء الحكومة التونسية الى الترفيع في اسعار بيع الوقود في مناسبتين في الاول من شهر فيفري 2022 وفي الأول من شهر مارس2022 في ردود فعل من طرف بعض الأطراف السياسية و في حالة من التوجس من المستقبل. إذ سبق وتنزلت قرارات الحكومات برفع الدعم في إطار ما يعرف ب "الإجراءات السابقة للبرامج". نذكر من ذلك على سبيل المثال سن اليات التعديل الآلي الشهري لسعر المحروقات الذي تم تمريره ك "إجراء سابق" لبرنامج "أداة التمويل السريع" وهو القرض الذي تسلمته تونس من صندوق النقد الدولي. من الممكن إذا القول أن اجراءات الترفيع الأخيرة هي اجراءات سابقة تتنزل في إطار بداية المفاوضات مع الصندوق النقد الدولي لسد عجز الميزانية.
اقترنت سياسات رفع الدعم على المحروقات على مدى العشرية الأخيرة بتوصيات صندوق النقد الدولي التي تلازم برامج الإقتراض والتي قام البلدان بتبنيها بإيقاع متفاوت.
بدأ المغرب العمل على تقليص دعم المحروقات منذ 2013 في إطار سياسة متكاملة لرفع الدعم، تهدف إلى نسبته من الناتج الداخلي الخام من 6% في 2012 إلى 3% في اواخر 2015، وتوجيهه وحصره في المواد الأساسية من سكر وعجائن وغاز التدفئة.
أما في تونس، فقد تم طرح مسألة رفع الدعم على المحروقات منذ 2012 من طرف الصندوق في إطار المشاورات الدورية وواصلت الحكومات المتعاقبة في نسق رفع سعر الوقود إلى أن أدت هذه السياسة إلى حالة من الإحتقان الإجتماعي في 2019 إذ عبّر كل من الإتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في أفريل 2019 عن غضبهم وإستنكارهم لهذه السياسات. في نفس السنة لى إيقاف برنامج "التسهيل الائتماني الممدد" وهو القرض لتسهيل الممدد" وهو القرض المسدى لتونس في 2016 من طرف الصندوق.
ذلك لم يمنع الحكومات اللاحقة من مأسسة هذه الزيادات. إذ أقر وزير الطاقة والمناجم في حكومة إلياس فخفاخ ، المنجي مرزوق، الية التعديل الآلي الشهري لأسعار المحروقات على أساس السعر العالمي للبنزين المكرر. توقف العمل بهذه الألية منذ 2021 مع حكومة المشيشي لتقوم حكومة بودن بإعادة تفعيله في بداية 2022 حيث تم الترفيع في سعر المحروقات مرتين منذ بداية السنة.
على وقع الإحتجاجات، أعلن المغرب توجهه إلى إعادة إعتماد الدعم لسعر الوقود سعياً منه إلى تخفيف أثر التقلبات العالمية على الإقتصاد الوطني فيما وصف بإنقلاب تام في التوجه في خصوص مسألة الدعم .
في ظل هذه الظروف العالمية هل تتخذ تونس نفس الاتجاه الذي يتخذه المغرب؟ أم أن إقتراب موعد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي يمنعها من هكذا مبادرة؟

عربية
أثار تخفيض الترقيم السيادي لتونس من قبل وكالة الترقيم السيادي فيتش رايتنغ “fitch ratings” أواخر الاسبوع الماضي الكثير من حبر الصحافة التونسية. وقع تداول الخبر في جل وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية حيث خلق تصنيف تونس كدولة ذات مخاطر مرتفعة مناخا من الاستياء والخوف من اقتراب تونس الى تصنيفها كبلد غير قادر على سداد ديونه بالرغم من أن هذا التخفيض كان منتظرا وليس بالمفاجأة.  
في عودة على الابجديات التصنيف السيادي هو تقدير او تصنيف تجريه وكالات الترقيم السيادي على غرار فيتش راتنغ “fitch ratings” و مووديز "Moody's" لتقدير مدى أهلية البلد محل الترقيم للحصول على قروض حيث يتم دراسة امكانيات الدولة المالية ومدى ائتمانها على القرض وقدرتها المالية على تسديده. 
يمثل الترقيم الذي تنشره وكالات الترقيم بصفة دورية مرجعا للسوق المالية العالمية والمستثمرين خلال اتخاذهم قرار تمويل دولة ما من عدمه الا أنه ومع تنامي تأثير هذه التصنيفات تعالت كثير الاصوات المطالبة بمراجعة دور وكالات التصنيف والتثبت في مدى مصدقتيها. 
نظم مكتب الشؤون الاجتماعية والاقتصادية لدى الامم المتحدة DESA يوم الاثنين 21 مارس 2021 اجتماعا رفيع المستوى ضمّ مجموعة من الخبراء وممثلين عن وكالات الترقيم السيادي ومؤسسات الاستثمار العالمية إضافة الى وزير المالية بحكومة غانا ووزير المالية بحكومة ترينيداد وتوباجو لمناقشة الدور الذي تلعبه وكالات الترقيم السيادي في تنفيذ خطة التنمية المستدامة  2030.  
وقع التطرق في مستوى اول الى تأثير وكالات الترقيم على البلدان النامية على غرار تونس وفرص حصولها على التمويلات من السوق العالمية. في مداخلته أكدّ وزير المالية لحكومة غانا Ken Ofori-Atta أن البلدان الافريقية هي الأولى على صعيد تخفيض الترقيم حيث أن المنهجية التي تعتمدها وكالات الترقيم لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية لبلدان القارة فعلى سبيل المثال ذكر الوزير لجوء حكومة غانا الى الترفيع في نفقات الدولة خلال ازمة الكوفيد 19 سعيا منها للحفاظ على ارواح المواطنين ليتم لاحقا تخفيض الترقيم السيادي لغانا بسبب هذه النفقات الإضافية. 
وهو ما تطرّق له مكتب الشؤون الاجتماعية والاقتصادية لدي الامم المتحدة في تقرير له حول وكالات الترقيم وعلاقتها بالديون السيادية حيث يشير التقرير الى ان 95 بالمائة من حالات تخفيض الترقيم التي تمت في فترة الجائحة الصحية العالمية تتعلق بالبلدان نامية هذا بالرغم من نسبية الانكماش الاقتصادي الذي عرفته البلدان النامية والذي يعتبر أكثر اعتدالا من الذي شهدته البلدان المتقدمة التي لم تشهد موجة تخفيض للترقيم السيادي كما حصل مع البلدان النامية.  
هذه الحادثة ليست بمعزولة حيث وخلال الاجتماع تطرقت Ramya Vijay  القائمة على قسم البحوث الاقتصادية بجامعة Stockton بالولايات المتحدة الامريكية الى أن وكالات الترقيم لا تأخذ بعين الاعتبار الدور الاجتماعي للدول بل أن الوكالات في تقاريرها تحث على الحد من نفقات الدولة واعتماد التقشف كما حدث مع تقرير تخفيض الترقيم السيادي للبرازيل حيث عللت وكالة الترقيم هذا التخفيض بارتفاع النفقات الاجتماعية للبرازيل.  
لا تقتصر هذه الآراء على ممثلي بلدان العالم النامي والباحثين فقط، صرح Hiro Mizuno المبعوث الخاص للأمم المتحدة المكلف بالتمويل المستدام والمسؤول السابق على صندوق الاستثمار الحكومي الياباني أن محدودية المنهجية المتبعة من قبل وكالات التعاون الدولي تؤدي الى حرمان البلدان النامية من الحصول على التمويلات اللازمة لتحقيق اهداف التنمية المستدامة وانه خلال عمله على رأس صندوق الاستثمار الياباني كان من الممكن لليابان استثمار مبالغ أكبر مما تم استثماره إلا أن تخفيض الترقيم السيادي للبلدان النامية باستمرار عطّل هذه الاستثمارات.  
بالرجوع الى تونس نلاحظ تجاوز تقارير الترقيم السيادي سواء الذي نشرته مووديز او فيتش رايتنغ حدود المنهجية الذي تدعي الوكالات احترامها فالتطرق الى الوضع السياسي والتوصيات بضرورة التسريع بإمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعد تجاوزا صارخا ويوحي بعدم حيادية الوكالات.  
مراجعة دور وكالات الترقيم السيادي خصوصا وهيكلة النظام المالي العالمي عموما أصبح حاجة ملّحة. تحقيق أهداف التنمية المستدامة والعمل من اجل ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يتطلب تمويلات، تمويلات تمنع البلدان النامية من الوصول اليها بسبب وكالات الترقيم والتخفيض المستمر لترقيمها السيادي الذي يعتمد منهجية غير مرنة لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاقتصادية لهذه البلدان وتعاقب كل دولة ترفع في انفاقها العمومي بالتخفيض.   
 
عربية
, , , , , , ,